القريش هم مجموعة من القبائل العربية التي استوطنت تاريخيًا مدينة مكة والكعبة. وُلد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في قبيلة هاشم من هذا القبيلة. في العام 600 ميلادي، كانت القريش تجارًا ثريين يهيمنون على التجارة بين المحيط الهندي وشرق أفريقيا من جهة والبحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى1. كانوا ينظمون قوافل تسافر إلى غزة ودمشق في الصيف وإلى اليمن في الشتاء. على هذه الطرق، كانوا يشتغلون أيضًا بالتعدين والأعمال الأخرى. كانوا معروفين بـ “الحلم”، أي قلة العصبية، لأنهم، على الرغم من منافستهم، كانوا يضعون مصالحهم التجارية والوحدة أولًا1.

عندما بدأ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في نشر الإسلام في مكة، لم يكونوا قلقين ولم يقدموا معارضة جادة حتى بدأ في مهاجمة معتقداتهم الوثنية1. مع تدهور العلاقات مع القريش تدريجيًا، أخذ محمد (صلى الله عليه وسلم) أتباعه إلى اليثرب (المدينة) بعد مفاوضات ناجحة مع قبيلتي بنو الأوس والخزرج للتوسط في نزاعهما القبلي. يُعرف هذا الحدث بالهجرة1. في المدينة، واجه محمد (صلى الله عليه وسلم) عقبة جديدة، حيث طردت القريش المسلمين من مكة، مما حرمهم من أداء فريضة الحج، وبالنظر إلى عدم الاستطاعة في التوصل إلى تسوية سلمية مع القريش، رأى أن الخيار الوحيد هو مواجهتهم عبر النضال المسلح، أولًا من خلال مهاجمة قوافل مكة. هذا أدى في نهاية المطاف إلى صراعات مسلحة بينهم، منها معارك بدر وأحد والخندق1. بعد ذلك، ترك محمد (صلى الله عليه وسلم) هجمات قوافل القريش، وركز أكثر على الشمال، مهاجمًا قبيلتي بنو لحيان وبنو مستلق