السّوداوية (ملاحظة 1) هو اسم لمرض وصفه القدماء، وتغير تشخيصه عبر الزمن. في رأي القدماء، فإن السّوداوية هي مرضٌ عقليٌّ، من مظاهره فساد التفكير، ينشأ من تغلُّب أحد الأخلاط الأربعة، وهي “السَّوداءُ”، في الدم، وذلك لعجز الطِّحال عن امتصاصها منه. كان الطبيب اليوناني أبقراط أول من وصف هذه الحالة وأطلق عليها اسم “المَلَنْخوليا”

 1. عند المحدثين وفي رأي المحدثين، فإنه مرض عقليٌّ من مظاهره اضطراب الوجدان وتغلُّب الغمّ والحُزن والقلَق وضِيق الصدر، والكآبة 23. أما عند الأدباء، فإن السّوداء يشير إلى “التلذذ بالحزن الخفيف الذي يتولد من تذكر السعادة الماضية أو من تصور الأحلام التي لا يعقبها التحقيق” .


تبدأ أعراض السوداوية مع سن الستين أو نحوها، ويتميز بوضوح بتدهور في وظائف المخ وشطط في تصرفات المريض، كعدم الثقة في نفسه أو في المحيطين به، واختلال ميزان الحكم على الظروف وعدم القدرة على وزن الأمور بشكل سوي، وتدهور قوة الذاكرة أحيانًا وضعفها وقلة الاحتفاظ بالذكريات وأحداث الماضي، وعدم القدرة على التكيف بدقة مع الظروف التي تحيط به، وعدم تناسب سلوكه مع رد الفعل الواجب لهذه الظروف. ومن الجائز أن تهتز عواطف المريض وتتغير شخصيته المعروفة قبلاً إلى شخصية أخرى مختلفة تمامًا عن شخصيته الأولى. 


وقد يظهر ذلك أحيانًا في صورة فظيعة تستحق الرثاء والعطف. وقد لا تظهر كل هذه الأعراض بدرجة واحدة في وقت واحد. وبالرغم أن هذا النوع من العته يمكن أن يحدث في حالات مرضية أخرى، وأن الصورة المرضية للأعراض يمكن أن تختلف من حالة لأخرى معتمدة في هذا على نوع شخصية المريض السابقة وسِنه وأسباب أخرى مثل مكان المرض ومعدل سرعة تغير حالة المريض عند حدوث العته، فإنه يلاح